کد مطلب:109900 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:145

خطبه 182-آفریدگار توانا











ومن خطبة له علیه السلام

فی قدرة الله وفی فضل القرآن وفی الوصیة بالتقوی

الله تعالی

الْحَمْدُ لِلَّهِ الْمَعْرُوفِ مِنْ غَیْرِ رُؤْیَةٍ، وَالْخَالِقِ مِنْ غَیْرِ مَنْصَبَةٍ، خَلَقَ الْخَلاَئِقَ بِقُدْرَتِهِ، وَاسْتَعْبَدَ الْأَرْبَابَ بِعِزَّتِهِ، وَسَادَ الْعُظَمَاءَ بِجُودِهِ، وَهُوَ الَّذِی أَسْكَنَ الدُّنْیَا خَلْقَهُ، وَبَعَثَ إِلَی الْجِنِّ وَالْإِنْسِ رُسُلَهُ، لِیَكْشِفُوا لَهُمْ عَنْ غِطَائِهَا، وَلِیُحَذِّرُوهُمْ مِنْ ضَرَّائِهَا، وَلِیَضْرِبُوا لَهُمْ أَمْثَالَهَا، وَلِیُبَصِّرُوهُم عُیُوبَهَا، وَلِیَهْجُمُوا عَلَیْهِمْ بِمُعْتَبَرٍ مِنْ تَصَرُّفِ مَصَاحِّهَا وَأَسْقَامِهَا، وَحَلاَلِهَا وحَرَامِهَا، وَمَا أَعَدَّ اللَّهُ لِلْمُطِیعِینَ مِنْهُمْ وَالْعُصَاةِ مِنْ جَنَّةٍ وَنَارٍ، وَكَرَامَةٍ وَهَوَانٍ. أَحْمَدُهُ إِلَی نَفْسِهِ كَمَا اسْتَحْمَدَ إِلَی خَلْقِهِ، وَجَعَلَ لِكُلِّ شَیْءٍ قَدْراً، وَلِكُلِّ قَدْرٍ أجَلاً، وَلِكُلِّ أَجَلٍ كِتَاباً.

فضل القرآن

منها: فَالْقُرآنُ آمِرٌ زَاجِرٌ، وَصَامِتٌ نَاطِقٌ. حُجَّةُ اللهِ عَلَی خَلْقِهِ، أَخَذَ عَلَیْهِمْ مِیثاقَهُمْ، وَارْتَهَنَ عَلَیْهِمْ أَنْفُسَهُمْ، أَتَمَّ نُورَهُ، وَأكَْمَلَ بِهِ دِینَهُ، وَقَبَضَ نَبِیَّهُ -صَلَّی اللهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ- وَقَدْ فَرَغَ إِلَی الْخَلْقِ مِنْ أَحكَامِ الْهُدَی بِهِ. فَعَظِّمُوا مِنهُ سُبْحَانَهُ مَا عَظَّمَ مِنْ نَفْسِهِ، فَإِنَّهُ لَمْ یُخْفِ عَنْكُمْ شَیئاً مِنْ دِینِهِ، وَلَمْ یَتْرُكْ شَیئاً رَضِیَهُ أَوْ كَرِهَهُ إِلاَّ وَجَعَلَ لَهُ عَلَماً بَادِیاً، وَآیَةً مُحْكَمَةً، تَزْجُرُ عَنْهُ، أَوْ تَدْعُو إِلَیْهِ، فَرِضَاهُ فِیَما بَقِیَ وَاحِدٌ، وَسَخَطُهُ فِیَما بَقِیَ وَاحِدٌ. وَاعْلَمُوا أَنَّهُ لَنْ یَرْضَی عَنْكُمْ بِشَیءٍ سَخِطَهُ عَلَی مَنْ كَانَ قَبْلَكُم، وَلَنْ یَسْخَطَ عَلَیْكُمْ بِشَیْءٍ رَضِیَهُ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، وَإِنَّمَا تَسِیرُونَ فِی أَثَرٍ بَیِّنٍ، وَتَتَكَلَّمُونَ بِرَجْعِ قَولٍ قَدْ قَالَهُ الرِّجَالُ مِنْ قَبْلِكُمْ، قَدْ كَفَاكُمْ مَؤُونَةَ دُنْیَاكُمْ، وَحَثَّكُمْ عَلَی الشُّكْرِ، وَافْتَرَضَ مِنْ أَلْسِنَتِكُمُ الذِّكْرَ.

الوصیة بالتقوی

وَأَوْصَاكُمْ بِالتَّقْوَی، وَجَعَلَهَا مُنْتَهَی رِضَاهُ، وَحَاجَتَهُ مِنْ خَلْقِهِ. فَاتَّقُوا اللهَ الَّذِی أَنْتُمْ بِعَیْنِهِ، وَنَوَاصِیكُمْ بِیَدِهِ، وَتَقَلُّبُكُمْ فِی قَبْضَتِهِ، إِن أَسْرَرْتُمْ عَلِمَهُ، وَإِن أَعْلَنْتُمْ كَتَبَهُ، قَدْ وَكَّلَ بِذلِكَ حَفَظَةً كِرَاماً، لاَ یُسْقِطُونَ حَقّاً، وَلاَ یُثْبِتُونَ بَاطِلاً. وَاعْلَمُوا أَنَّهُ (مَنْ یَتَّقِ اللهَ یَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً) مِنَ الْفِتَنِ، وَنُوراً مِنَ الظُّلَمِ، وَیُخَلِّدْهُ فِیَما اشْتَهَتْ نَفْسُهُ، وَیُنْزِلْهُ مَنْزِلَ الْكَرَامَةِ عِنْدَهُ، فِی دَارٍ اصْطَنَعَهَا لِنَفْسِهِ، ظِلُّهَا عَرْشُهُ، وَنُورُهَا بَهْجَتَهُ، وَزُوَّارُهَا مَلاَئِكَتُهُ، وَرُفَقَاؤُهَا رُسُلُهُ. فَبَادِرُوا الْمَعَادَ، وَسَابِقُوا الْآجَالَ، فَإِنَّ النَّاسَ یُوشِكُ أَنْ یَنْقَطِعَ بِهِمُ الْأَمَلُ، وَیَرْهَقَهُمُ الْأَجَلُ، وَیُسَدَّ عَنْهُمْ بَابُ التَّوْبَةِ، فَقَدْ أَصْبَحْتُمْ فِی مِثْلِ مَا سَأَلَ إِلَیْهِ الرَّجْعَةَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، وَأَنْتُمْ بَنُو سَبِیلٍ، عَلَی سَفَرٍ مِنْ دَارٍ لَیْسَتْ بِدَراِكُمْ، وَقَد أُوذِنْتُمْ مِنهَا بِالْإِرْتِحَالِ، وَأُمِرْتُمْ فِیهَا بِالزَّادِ. وَاعْلَمُوا أَنَّهُ لَیْسَ لِهذَا الْجِلْدِ الرَّقِیقِ صَبْرٌ عَلَی النَّارِ، فَارْحَمُوا نُفُوسَكُمْ، فَإِنّكُمْ قَدْ جَرَّبْتُمُوهَا فِی مَصَائِبِ الدُّنْیَا. أَفَرَأَیْتُمْ جَزَعَ أَحَدِكُمْ مِنَ الشَّوْكَةِ تُصِیبُهُ، وَالْعَثْرَةِ تُدْمِیهِ، وَالرَّمْضَاءِ تُحْرِقُهُ؟ فَكَیْفَ إِذَا كَانَ بَیْنَ طَابَقَیْنِ مِنْ نَارٍ، ضَجِیعَ حَجَرٍ، وَقَرِینَ شَیْطَانٍ! أَعَلِمْتُمْ أَنَّ مَالِكاً إِذَا غَضِبَ عَلَی النَّارِ حَطَمَ بَعْضُهَا بَعْضَاً لِغَضَبِهِ، وَإِذَا زَجَرَهَا تَوَثَّبَتْ بَیْنَ أَبوَابِهَا جَزَعاً مِنْ زَجْرَتِهِ! أَیُّهَا الْیَفَنُ الْكَبِیرُ، الَّذِی قَدْ لَهَزَهُ الْقَتَیرُ، كَیْفَ أَنْتَ إِذَا الْتَحَمَتْ أَطْوَاقُ النَّارِ بِعِظَامِ الْأَعْنَاقِ، وَنَشِبَتِ الجَوَامِعُ حَتَّی أَكَلَتْ لُحُومَ السَّوَاعِدِ. فَاللهَ اللهَ مَعْشَرَ الْعِبَادِ! وَأَنْتُمْ سَالِمُونَ فِی الصِّحَّةِ قَبْلَ السُّقْمِ، وَفِی الْفُسْحَةِ قَبْلَ الضِّیقِ، فَاسْعَوْا فِی فَكَاكِ رِقَابِكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُغْلَقَ رَهَائِنُهَا، أَسْهِرُوا عُیُونَكُمْ، وَأَضْمِرُوا بُطُونَكُمْ، وَاسْتَعْمِلُوا أَقْدَامَكُمْ، وَأَنْفِقُوا أَمْوَالَكُمْ، وَخُذُوا مِنْ أَجْسَادِكُمْ فَجُودُوا بِهَا عَلَی أَنْفُسَكُمْ، وَلاَ تَبْخَلُوا بِهَا عَنْهَا، فَقَدْ قَالَ اللهُ سُبْحَانَهُ: (إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ یَنْصُرْكُمْ وَیُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ)، وَقَالَ تَعَالَی: (مَنْ ذَا الَّذِی یُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَیُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِیمٌ)، فَلَمْ یَسْتَنْصِرْكُمْ مِنْ ذُلٍّ، وَلَمْ یَسْتَقْرِضْكُمْ مِنْ قُلٍّ، اسْتَنْصَرَكُمْ (وَلَهُ جُنُودُ السَّماوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِیزُ الْحُكِیمُ)، وَاسْتَقْرَضَكُمْ (وَلَهُ خَزَائِنُ السَّماوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْغَنِیُّ الْحَمِیدُ)، وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنْ (یَبْلُوَكُمْ أَیُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) فَبَادِرُوا بِأَعْمَالِكُمْ تَكُونُوا مَعَ جِیرَانِ اللهِ فِی دَارِهِ، رَافَقَ بِهِمْ رُسُلَهُ، وَأَزَارَهُمْ مَلاَئِكَتَهُ، وَأَكرَمَ أَسْمَاعَهُمْ أَنْ تَسْمَعَ حَسِیسَ نَار أَبَداً، وَصَانَ أَجْسَادَهُمْ أَنْ تَلْقَی لُغُوباً وَنَصَباً: (ذلِكَ فُضْلُ اللهِ یُؤتِیهِ مَنْ یَشَاءُ وَاللهُ ذُوالْفَضْلِ الْعَظِیمِ) أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَاللهُ الْمُسْتَعَانُ عَلی نَفْسِی وَأَنْفُسِكُمْ، وَهُوَ حَسْبُنَا وَنِعْمَ الْوَكِیلُ!